عدوان سافر من كيان غادر

عدوان سافر من كيان غادر

عنوان الخطبة: عدوان سافر من كيان غادر.

عناصر الخطبة:

١- تاريخ اليهود الدموي.

٢- عدوانٌ آخرُ على بلَدٍ مُسلم.

٣- كيف نواجه خطر اليهود؟

الحمدُ للهِ العليمُ الحكيمُ، بعبادِهِ المستضعفينَ رؤوفٌ رحيمٌ، وعلى الظالمينَ عزيزٌ ذو عقابٍ أليمٍ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ النبيُّ الكريمُ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليهِ وآلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ.

أما بعد، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السرِّ والنجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

عباد الله:

لم ترَ الدنيا أمَّةً أخبثَ من اليهودِ، إنَّهُمُ المغضوبُ عليهِم، أهلُ الكَذِبِ، والبُهْتِ، والغَدرِ، والـمَكرِ، قَتَلةُ الأنبياءِ، وأكَلةُ السُّحْتِ، أخبَثُ الأُمَمِ طَوِيَّةً، وأردَاهُم سَجِيَّةً، وأبعدُهم مِنَ الرحمةِ، وأقربهم من النِّقْمةِ، عادَتُهم البَغْضاءُ، ودَيْدَنُهم العَداوةُ والشَّحْناءُ، بَيْتُ السِّحرِ، والكذبِ، والحِيَلِ، لا يَرَوْنَ لغيرِهم حُرْمةً، ولا يَرْقُبونَ في مؤمنٍ إلًّا ولا ذِمَّةًمن هداية الحيارى لابن القيم (ص١٥)، بتصرف يسير. (١).

لم يتركوا سوأةً إلا فعلوها، ولا حُرمةً إلا انتهكوها.

ومن أخبثِ ما يفعلونَ استحلالُهم دماءَ الخلقِ بكلِّ سبيلٍ، وخاصةً الأنبياءَ وأهلَ العدلِ والإحسانِ، كما قالَ الملكُ الديَّانُ: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ ‌بِالْقِسْطِ ‌مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران: ٢١-٢٢].

تاريخُ أجدادِهم مليءٌ بدماءِ الأبرياءِ، وسِجِلُّهم حافلٌ بقتلِ الصالحينَ والأنبياءِ، فما إن يبعثُ اللهُ لهم نبيًّا بما يُخالفُ أهواءَهم إلا قَتلوه دونَ تورّعٍ أو وجَل.

قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا ‌تَقْتُلُونَ [البقرة: ٨٧]. 

قتلوا زكريا ويحيى عليهما السلام، بل قتلُوا في يومٍ سبعين نبيًّا، ثمَّ أقاموا السوقَ في آخرِ النهارِ كأنّهم لم يصنَعُوا شيئًا.

كانوا يفخرون -في غايةِ الخِسَّةِ والنذالةِ- أنهم قتلوا عيسى عليه السلام رسولَ اللهِ، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّهَ لهم.

قال جلّ وعلا: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا ‌قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء: ١٥٥-١٥٧]. 

مع أنَّ اللهَ تعالى -لعلمِهِ بنفوسِهمُ الشيطانيةِ- بيّنَ لهم تحريمَ قتلِ النفوسِ البريئةِ المعصومةِ أتمَّ بَيان، وأخبرَهم أنَّ قتلَ نفسٍ بريئةٍ يُساوي قتلَ الناسِ جميعًا، فقالَ سبحانهُ: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ ‌مَنْ ‌قَتَلَ ‌نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [المائدة: ٣٢]. 

جاءتهمُ الرسلُ بالآياتِ والبيِّناتِ، ونهَوْهُم عن الفسادِ في الأرضِ، فأبت نفوسُهمُ الخسيسةُ إلا الطُّغْيانَ، فباتُوا يَسعَوْنَ في الأرضِ فسادًا، يوقدونَ الحروبَ بين الناسِ، ويَقْتاتونَ على دماءِ الأبرياءِ المسالِمينَ.

عبادَ اللهِ:

إنَّ هؤلاءِ الأرجاسَ امتلَأتْ قلوبُهم غَيْظًا على نبيِّنا مُحمَّدٍ ﷺ وعلى أمَّتِه، كما قال سُبحانه: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ ‌عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة: ٨٢]. 

ولَقَد حَاوَلُوا قتلَ رَسولِ اللهِ ﷺ مرارًا وتَكرارًا، منذُ أنْ كانَ رضيعًا.

فقد روَى ابنُ سَعدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بن أبي طلحة؛ أَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ ﷺ لَمَّا دَفَعَتْهُ إِلَى السَّعْدِيَّةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ قَالَتْ لَهَا: احْفَظِي ابْنِي، وَأَخْبَرَتْهَا بِمَا رَأَتْ (يعني في مَنَامِها ووِلادَتِها من البِشَارات)، فَمَرَّ بِهَا الْيَهُودُ، فَقَالَتْ: «أَلاَ تُحَدِّثُونِي عَنِ ابْنِي هَذَا؟ فَإِنِّي حَمَلْتُهُ كَذَا، وَوَضَعْتُهُ كَذَا، وَرَأَيْتُ كَذَا»، كَمَا وَصَفَتْ أُمُّهُ. قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اقْتُلُوهُ، فَقَالُوا: أَيَتِيمٌ هُوَ؟ فَقَالَتْ: «لاَ! هَذَا أَبُوهُ، وَأَنَا أُمُّهُ»، فَقَالُوا: لَوْ كَانَ يَتِيمًا لَقَتَلْنَاهُ!الطبقات الكبرى (١/٩٢)، بإسناد مرسل، ورجاله ثقات. (٢).

ولـمَّا هاجرَ النبيُّ ﷺ كفَرُوا بِهِ وَهُم يَعلَمونَ أنّه رسولُ اللهِ، وكان شعارُهم: "عداوتُهُ مَا حَيِينَا!"، فظلُّوا يُضمِرونَ لَهُ الشَّرَّ، ويَنقُضُون العُهودَ والمواثيقَ، كما قالَ سُبحانه: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ ‌عَلَى ‌خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ [المائدة: ١٣]. 

تكرَّرت مُحاولاتُ قتلِهم للنبيِّ ﷺ عن طريقِ الغَدرِ والخِيانةِ، فهم أهلُ الجُبنِ والنَّذالةِ، لا يَقْدِرونَ على المواجهةِ؛ لأنَّهُم أحرَصُ النَّاسِ على حَياةٍ.

تاريخٌ أسودُ، بدأ ولم ينتهِ، ففي التاريخِ المعاصرِ يقتلونَ الأبرياءَ غَدرًا واغتيالًا، آلافَ المرات.

كلُّ من وقفَ أمامَ طَغيانِهم قتَلُوهُ، ولو لم يكنْ مسلمًا، فإن كان مسلمًا كان القتلُ أَشرَسَ وأعنَفَ.

أَمَامَ أعيُنِكُم وأعيُنِ العَالَـمِ أجمَع، حَربٌ ضَرُوس، وقَتْلٌ جَمَاعِيّ، إِبَادَةٌ لِشَعبٍ مُسلمٍ أعزَل، لا يُفَرِّقُونَ فيهَا بَينَ طِفلٍ أوِ امرأَة، أو صَغِيرٍ أو كَبِير، دِماءٌ وأشلاء، تَجوِيعٌ وتَهجِير، قَصفٌ وَدَمَار، صواريخُ وقنابل، تُلقَى بالأَطنَانِ على رُؤوسِ العُزَّل فِي البُيُوتِ والخِيَام.

هذا وَالعالَـم بين ضَعيفٍ متخَاذِل، أو مُشَارِكٍ متواطِئ، لَا يَرقُبُونَ فِي مُؤمِنٍ إلًّا ولا ذِمَّة.

لم يتوقَّفُوا ولَم تَشبَع نُفُوسُهُم الخِنزِيريَّةُ مِنَ الوُلُوغ في دِماءِ الـمُسلِمينَ الأَبرِياء، فشَهِيَّتُهُم الآثِـمَةُ تَدعُوهُم إِلى مَزيدٍ مِنَ القَتلِ وسَفْكِ الدِّماء، شيمتُهُم وَسَبيلُهُم الخِسَّةُ والغَدرُ والخِيانَة.

كِيانٌ محتلٌّ غَاصِب، يقُودُهُ حَاخَامَاتُ الرِّجْسِ، وسَاسَةُ الغَدرِ، لـهُم مشروعٌ توسُّعِي، وأطماعٌ في دَولَةٍ موهُومَة، تقومُ على وَعدِ تَلمُودٍ مُختَلَق، ونُبُوءةِ توراةٍ مُحرَّفَة، دولةٍ حُدودُها من النِّيلِ إلى الفُرَات، يُعلِنُون هذا بِكُلِّ وقَاحَة، ويحمِلُ قُرودُهُم على أَكتافِهِم خَريطَةَ الدَّولةِ اللَّقيطَة، فهُم يُعلِنُونَها حربًا دينيَّةً تَورَاتِيّةً، دُونَ مواربَةٍ أو خَجَل!

ها هُم مُنذُ أيامٍ قَليلَةٍ، تَطيرُ غِرْبَانُهُم الـخَبيثةُ، لِتَضرِبَ أهدافًا آمِنةً في دولةِ قطرَ الشقيقة، البلد العَربيِّ المسلِم، بمؤازرةِ أَوليائِهِم، فتسيلُ الدِّمَاءُ البَريئَة، وتتناثرُ الأَشلاءُ الطَّاهِرَة، ويُسجِّلُ التَّاريخُ جريمةً أُخرَى مِن جَرائِمِ الخِسَّةِ والغَدرِ والخِيانَة، رُغمَ أنَّ اللهَ خَيَّبَ مَسعاهُم، فلَم يُحقِّقُوا ما أرادُوا، إلَّا أنَّ هذا العُدوانَ السَّافِرَ يدعُو كُلَّ مسلمٍ حُرٍّ أَبيّ أن يُبصِرَ مواقِعَ قَدَمِه، ويعلمَ أنَّ الأمرَ جِدُّ خَطِير.

فاللهَ نسألُ أن يكفَّ عدوانهم، ويحفظ بلاد المسلمين من كيدهم وشرهم.

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعدُ:

عبادَ اللهِ:

إنَّ العُدوانَ الصَّهيُونيَّ الأخيرَ يُعلِنَ لِكُلِّ ذي عَقلٍ أنَّ إجرامَ اليهودِ وَفَسَادَهم فاقَ كلَّ حدٍّ، حتَّى باتُوا بأسفلِ سافِلينَ في الخِسَّةِ والوَضاعةِ، وهذا يَستدعِي من المسلِمِينَ عِدَّة أُمُور:

أوّلًا: ألَّا يبقَى لدَى مُسلِمٍ شكُّ في أنَّ عداوةَ اليَهُودِ لِلمُسلمينَ إنّما ترجعُ لِكَونِهِم مُسلِمِين، فهُم لَا يُفَرِّقُون بينَ فلسطينيٍّ وشَاميّ، وَيَـمَنِيٍّ وعِراقيّ، ومِصريٍّ وخَليجِيّ، طَالَـمَا أنَّكَ مُسلِمٌ فأنتَ وأرضُكَ وسماؤُكَ بالنِّسبةِ لهُم هَدَفٌ مَشرُوع!

ثانِيًا: إنْ كَانَ هَذا العَدُوُّ الـمُجرِمُ يُعادِينَا لِأَجْلِ إِسلامِنا وإِيمانِنا، ويَنطَلِقُون في عُدوانِهِم مِن عَقيدَةٍ دِينيَّة مُحرَّفَة آثِمة، أَفَلا يَدعُونَا هَذا إِلى أن نَّعُودَ جميعًا إلَى هَذَا الدِّينِ العَظِيم، دين الإسلامِ الـحَقّ، عِلمًا وتَحاكُمًا وعَمَلًا، مَنهَجًا للحَياة، نُقِيمُ العُبودِيةَ بِهِ للهِ وَحدَه، ونحكّم كتابه ونتبع نهجَه؟! فهَذَا أَسَاسُ النَّصر، واللهُ تَعالَى يقُول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ ‌تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد: ٧].

ثالِثًا: هَذا العَدُوُّ الـمُجرِمُ لَن تُوقِفَهُ الـمَحافِلُ الدَّوليّة، ولَا الـمُعاهَداتُ الأُمميَّة، فإنّهُم لَم يعبَؤُوا يَومًا بِها، إنَّهم لا يَفهَمُونَ إلَّا لُغَةَ القُوَّةِ والبَسَالَة، فهُم أَجبَنُ الخَلقِ وأَحرَصُ النَّاسِ عَلى حَياة، وَسَبيلُ ذَلِكَ أوَّلًا الاجتِماعُ والاتّفاق، ونَبذُ الفُرقَةِ والخِلَاف؛ فإنَّ اللهَ سُبحَانَهُ يقُول: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا ‌تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: ٤٦]، فإنَّهُم متَى رَأَوُا الـمُسلِمينَ يدًا واحِدةً على الحقّ، نَكَصُوا فِي جُحُورِهِم كَالفِئرانَ، وفَرُّوا كَالـحُمُر الـمُستَنفِرَة.

نحنُ الأُمَّةُ الـمُوحِّدَة الوَاحِدَة، ربُّنَا واحِد، وكِتابُنا واحِد، وَشَريعَتُنا واحِدة، ومنهجُنا واحد، نُؤمن بجَمِيعِ الأَنبياءِ وبخَاتَمِهِم محمدٍ ﷺ، تجمَعُنَا لُغَةُ القُرآنِ وَإنِ اختَلَفَتْ أَعرَاقُنَا وَلَـهَجَاتُنا، إلَّا أَنَّنَا الأُمَّةُ الـمُسلِمَة، التِي تَعقِدُ وَلاءَهَا على أصلِ الدِّين، فأيُّ مانِعٍ يحُولُ بينَنَا وَبَينَ القُوَّةِ الوَاحِدَة التِي يُرهِبُ اللهُ بِها عَدُوَّنا؟

يَقولُ نبيُّنا ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» (يَعنِي مِنَ الغَنَم)، رواهُ أبو دَاوُدَ والنَّسائي سنن أبي داود (٥٤٧)، وسنن النسائي (٨٤٧) واللفظ له، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وصحَّحهُ الألباني في صحيح أبي داود (٥٥٦). (٣).

رابِعًا: بعدَ شلَّالاتِ الدِّمَاء، والغَدرِ وَالخِيانَة، بَاتَ ظَاهرًا لِكُلِّ ذِي مُروءَةٍ أنَّ كُلَّ مَن يَدعُو إِلَى التّطبيعِ معَهُم، أو يُعَاوِنُهُم، أو يُزَكِّيهِم وَيُجمِّل صُورَتَهم، فهُوَ خَائِنٌ للهِ ورَسُولِه ولِلمُؤمِنِين، وخَائِنٌ لِكُلِّ دِمَاءِ الأبرِياءِ مِنَ الأَطفَالِ وَالنِّسَاءِ وَالـمُجَاهِدِين، إنَّ اللهَ تعَالى قالَ كَلامًا فَصْلًا لا هَزْلَ فِيه، بَيِّنًا لا التِبَاسَ فِيهِ، فقالَ سُبحَانَه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ‌وَمَنْ ‌يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: ٥١]. إنّها قَاعِدةٌ قُرآنيَّة: وَمَنْ ‌يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ.

فمَن تولَّاهُم، ورَضِيَ بإجرامِهِم، ونَاصَرَهم وَأَعَانَهُم على الـمُؤمِنِين، فَهُو مِنهُم، وشَريكٌ لَهُم في القَتلِ وَالخِيانَة.

إخوة الإسلام:

لنعلم جميعًا أن وعد الله حق، وخبره صدق، فعاقبة الظالمين الهلاك والخسار والبوار، وللمتقين النصر والتمكين والعزة، وعقبى الدار.

اللهمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ الكفَرةَ المجرمين، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

شارك المحتوى: