خطبة (والله متمُّ نورِه)

خطبة (والله متمُّ نورِه)

عنوان الخطبة: والله متمُّ نورِه.

عناصر الخطبة:

  1.  وَعْدُ الله لرسوله ﷺ بإظهار الدين.
  2.  كيف نُحْسِن الظَّنَّ بالله في التَّمكين لدينه؟
  3.  المستقبَل للإسلام.

الحمدُ للهِ مُتِمِّ نُورِهِ ولو كَرِهَ الكافرونَ، مُظهِرِ دينِهِ على الدينِ كُلِّهِ ولو كَرِهَ المشركونَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ، فاتقوا اللَّهَ عبادَ اللَّهِ حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى،يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

هلْ سَمِعتُم يومًا عن حديثِ المُطمئنِّ بربِّهِ، المُوقِنِ بوعدِهِ ونصرِهِ؟

تَعالَ أُخبِرْكَ شيئًا عن سيِّدِ المُتوكِّلينَ، نبيِّنا محمدٍ ﷺ.

بينما النبيُّ ﷺ جالسٌ ذاتَ يوم، وبين يدَيه عَدِيُّ بنُ حاتم، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ.

الناسُ يَشْكُونَ الفقرَ وقَطْعَ الطَّريقِ بسببِ اللُّصوصِ والمفسدينَ في الأرضِ.

لكنَّ النبيَّ ﷺ سأل عديَّ بنَ حاتم سؤالًا عجيبًا فقال: «يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟» قال: «لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا»، قَالَ «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَة (أي المرأة) تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ».

 قال عَديٌّ: «قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ (أي لصوصها) الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا البِلاَدَ؟».

ثمَّ قال النبيُّ ﷺ: «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى».

قال عَدِيٌّ مُتعجِّبًا: «كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟» قَالَ: «كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ».

ثم قال النبيُّ ﷺ: «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ».

مرَّتِ الأيّامُ والسِّنونُ، وماتَ النبيُّ ﷺ، لكنْ لم يَمُتْ ما أَخْبَرَ بهِ عن وَعْدِ اللهِ.

ها هو عَدِيُّ بنُ حاتم يقول: «فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ». صحيح البخاري (٣٥٩٥)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه. (١).

إنَّ النبيَّ ﷺ منذُ أنْ بعثَهُ اللهُ بدينِ الحقِّ، وهو يعلَمُ أنَّ اللهَ مُتِمُّ نُورِهِ ولو كَرِهَ الكافرونَ.

ألم يَقُلْ ربُّنا: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ ‌مُتِمُّ ‌نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ[الصف: ٨-٩]؟

لقدْ كانَ نبيُّنا ﷺ عظيمَ الثِّقةِ في وَعْدِ اللهِ، يُبشِّرُ أصحابَهُ دومًا، وهُم في أشدِّ لحَظاتِ الاستِضعافِ، أنَّهُم مَنصُورونَ.

يقولُ خبَّابُ بنُ الأرتِّ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنَا: «أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟»، فَقَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ!» صحيح البخاري (٦٩٤٣)، من حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه. (٢)

.

تعالَ معي ننزِلْ إلى الخَندَق، والنبيُّ ﷺ يحفِرُه معَ أصحابه، حيثُ عشَرة آلاف كافر في طريقهم إلى المدينة للقَضاءِ على دولة الإسلام -زعموا-، واليهودُ في الدّاخل يُضمِرون الِخيانة، والمنافِقُونَ بين صُفوف المؤمنين يرتَجِفُون ويُرجِفُون كالأفاعي، يبُثُّون سُمومَهم تخويفًا وإرجافًا قائلين: مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا، ورُغمَ ذلك يقف النبيُّ ﷺ كالجبل الأشمِّ الذي لا تَهُزُّه العواصِف رافعًا مِعوَلَهُ يكسِرُ صخرةً استعصَت على أصحابه قائلًا: «بِسْمِ اللَّهِ!»، فينكسِرُ ثُلُثُ الْحَجَرِ! ثم قال: «اللَّهُ أَكْبَرُ! أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا!». ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ!» وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ! أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا!»، ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ»، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ! أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا!» مسند أحمد (١٨٦٩٤)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وحسنه ابن حجر في الفتح (٧/٣٩٧). (٣).

هكذا يُبشِّرُ أصحابَهُ بوعدِ اللهِ؛ أنَّ تلكَ الأُمَمَ الجاهليَّةَ الوَثنيَّةَ التي كفَرَتْ باللهِ، فعبَدَتِ الأحجارَ والأوثانَ والنِّيرانَ، والأحبارَ والرُّهبانَ، والأكاسرةَ والأباطرةَ والقياصرةَ، من دونِ اللهِ - ستزولُ، وأنَّ العِزَّةَ للهِ ولِرسولِهِ ولِلمؤمنينَ.

يقولُ ﷺ لأصحابِهِ وهو في أشدِّ لحَظاتِ الاستضعافِ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ!».صحيح البخاري (٣١٢٠)، وصحيح مسلم (٢٩١٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٤).

يخبِرُهُم عن مُلك أمَّتِه من بعدِه، وكيفَ أنَّه سيَبلُغُ المشارِقَ والمغارِبَ، فيقول: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» صحيح مسلم (٢٨٨٩)، من حديث ثوبان رضي الله عنه. (٥).

عبادَ الله!

رُغمَ قساوةِ المشهدِ، وفَداحةِ الخَطبِ، وألَمِ الـمُصابِ، وتكرُّرِ المذابِحِ، واستِطالةِ الكَفَرةِ الـمُجرِمينَ، وعَجْزِ الصّادقينَ، إلَّا أنَّ الـمُؤمنَ لا يَيْأَسُ من رَوْحِ اللهِ، لأنَّهُ يُحسِنُ الظَّنَّ بربِّهِ ومولاهُ.

إنِّي سائِلُكَ أيُّها الـمؤمنُ بربِّكَ:

أليسَ ربُّكَ هو ذا الكمالِ، الحميدَ الذي يُحمَدُ على كُلِّ أفعالِهِ؟

أليسَ ربُّكَ على كُلِّ شيءٍ شَهيدًا؟

أليسَ ربُّكَ على كُلِّ شيءٍ قديرًا، لا يُعجِزُهُ الكفرةُ الفَجَرةُ؟

أليسَ ربُّكَ هو العليمَ الحكيمَ، ذا الحِكمةِ الباهرةِ؟

أتدري كيفَ وصَفَ اللهُ اليائسينَ من رحمتِهِ؟

قال سبحانه: وَلَا تَيْأَسُوا ‌مِنْ ‌رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ ‌مِنْ ‌رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ[يوسف: ٨٧].

وقال تعالى: وَمَنْ ‌يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر: ٥٦].

وَصَفَهُم سبحانَهُ بالضَّلالِ والكُفرِ، أتدري لِمَ؟

لأنَّ اليأسَ من رحمةِ اللهِ، إنَّما يأتي من كَونِ العبدِ لا يَعرِفُ اللهَ بكمالِهِ، إذِ اليأسُ يَنشَأُ من ظنِّ العبدِ أن الله يجَهلُ ما يَحدُثُ، أو يعَجْزُ عن تَغييرِ الحالِ، أو يبْخلُ أو ينقصُ كَرَمُهُ، واللهُ يَتَعالى عن كُلِّ هذهِ النقائصِ.

إنَّ مَن ظنَّ انطماسَ نُورِ الإسلامِ، وسقوطَ رايتهِ، لَهُوَ على سبيلِ المنافقينَ الذينَ يَظُنُّونَ باللهِ ظنَّ السَّوءِ، فقالَ اللهُ فيهم: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ‌الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح: ٦].

لقدْ مرَّ الإسلامُ وأهلُهُ عبرَ التاريخِ بالأهوالِ والمِحَنِ، واجتَمَعَ عليهم الكُفَّارُ على اختلافِ مِلَلِهِم، إلَّا أنَّ الإسلامَ كانَ ولا يَزالُ نُورًا ساطِعًا لا تَطمِسُهُ خفافِيشُ الظَّلامِ، نَعَمْ، قدْ يَخفُتُ الضَّوءُ يَومًا، وتَتمايَلُ الرَّايةُ أحيانًا، إلَّا أنَّ شمسَهُ لا تَغيبُ، ورايتَهُ لا تَسقُطُ.

لقدْ بدأَ النبيُّ ﷺ دعوةَ الإسلامِ وحيدًا، عاداهُ القَريبُ والبَعيدُ، اتَّهموهُ بالسِّحرِ والكِهَانَةِ والشِّعرِ والكَذِبِ، عذَّبوا أصحابَهُ، قتلوهُم، وهَجَّروهُم، وأخذوا أموالَهُم وديارَهُم، ورُغمَ ذلكَ لم يَيْأَسِ النبيُّ ﷺ وأصحابُهُ، حتى أقامَ اللهُ لهم دولةَ الإسلامِ في المدينةِ.

ثمَّ حارَبَهُم المشركونَ واليهودُ، حاولوا قتلَهُ مِرارًا، غدَروا به وبأصحابِه، ارتقى الكثيرُ من أصحابِه شُهَدَاءَ، إلَّا أنَّهُ وقَفَ يومَ الحَجِّ الأكبرِ ومعَهُ أكثرُ من مِائةِ ألفِ مسلمٍ.

ثمَّ ماتَ النبيُّ ﷺ، وارتدَّ كثيرٌ من العربِ عن الإسلامِ، إلَّا أنَّ لُيوثَ الإسلامِ من أصحابِه قاموا بحَملِ الأمانةِ، حتى اندَحَرَ الكُفرُ وأهلُهُ، وفتحَ اللهُ عليهم فارسَ والرُّومَ، وانتشرَ الإسلامُ في رُبوعِ الدُّنيا، وصارتْ خلافةً راشدةً على مِنهاجِ النبوَّةِ.

ثمَّ توالَتِ المِحَنُ، فجاءَ عُبَّادُ الصَّليبِ في تِسعِ حَمَلاتٍ مُتتاليةٍ، ذبحوا الآلافَ مِن الأبرياءِ، وأخذوا المسجدَ الأقصى، وظلَّ أسيرًا عندهُم تسعينَ سنةً، ثمَّ دَحَرَهُم اللهُ، ورَدَّهُ إلى حاضنةِ الإسلامِ.

ثمَّ توالَتِ المِحَنُ، وجاءَ التَّتارُ كالضِّباعِ الجائعةِ، فاجتاحوا بلادَ الإسلامِ، وقتلوا الملايينَ، وسقطتْ أكثرُ بلادِ الإسلامِ، ثمَّ دحرَهُم اللهُ.

وهكذا أبدًا جَولةُ الباطلِ ساعةٌ، ودولةُ الإسلامِ إلى قيامِ الساعةِ.

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعدُ:

إنَّ المستقبلَ للإسلامِ وأهلِهِ، العاملينَ به، وإنْ كَرِهَ المشركونَ الكافرونَ.

أرأيتَ اليهودَ وإجرامَهم؟ فواللهِ إنَّهُم ودولتَهُمُ اللَّقيطةَ إلى زوالٍ، ألم يقُلِ النبيُّ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ».صحيح مسلم (٢٩٢٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٦).

أرأيتَ الصليبيّينَ ومَكْرَهم؟ فسيزولُ الصَّليبُ، وليَبلُغنَّ الإسلامُ ما بلغَ الليلُ والنهار.

يقول النبيُّ ﷺ: «لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ، وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ، إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللَّهُ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا».مسند أحمد (٢٣٨١٤)، من حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣). (٧).

ويقول النبيُّ ﷺ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ، حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». صحيح البخاري (٢٢٢٢)، وصحيح مسلم (١٥٥)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٨).

أرأيتَ الفسادَ والظُّلمَ الذي عمَّ الأرض؟ فسيَزولُ وتكونُ خلافةٌ راشدةٌ على منهاج النُّبوة.

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ». ثُمَّ سَكَتَ. مسند أحمد (١٨٤٠٦)، من حديث حذيفة رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/٣٤). (٩)

إنه وعدُ اللهِ الذي لا يُخلِفُ وعدَه: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ ‌الْغَالِبُونَ [الصافات: ١٧١-١٧٣].

إنَّ على المؤمن أن يعمَلَ ويغرِس، وهو يُحسِنُ الظَّنّ بربه، يوقن أنَّ كلمةَ اللهِ هي العُليا، وأنَّ اللهَ لو شاءَ لانتصرَ منهم، ولكن ليَمِيزَ الخبيثَ من الطيب.

اللهمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ الكفرةَ المجرمين، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

 

 

 

 

شارك المحتوى: