عنوان الخطبة: الرِّبا وخَرابُ الدِّيار.
عناصر الخطبة:
١- حَربُ الله على أكَلَةِ الربا.
٢- شناعَةُ الربا في الإسلام.
٣- ربا القرض وخطرُه.
٤- للرِّبا أبواب أخرى.
الحمدُ للهِ الذي أحلَّ الطَّيِّباتِ، وجعلَ بها الكفايةَ والخيراتِ، وحرَّمَ الخبائثَ وتوعَّدَ أهلَهَا بالذُّلِّ ومَحْقِ البرَكاتِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ، فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
عِبادَ الله:
أرأيتُمْ رجلًا أوْ أُمّةً اجتمعَ على حربِهِمْ كلُّ منْ في الأرضِ، بقوَّتِهِمْ وعُدَّتِهِمْ ومكرِهِمْ وبأسِهِمْ، أترونَهُمْ يُفلحونَ؟
فماذَا لوْ كانَ عبدٌ أعلنَ اللهُ الحربَ عليهِ، فمَنْ ينصرُهُ منْ بأسِ اللهِ؟
لعلكَ تتساءلُ: ومنْ هذَا المخذولُ الذي استحقَّ حربَ العزيزِ الجبارِ؟
إنَّهُ آكِلُ الرِّبَا.
توعّدَهُ ربُّنَا في كتابِهِ فقالَ محذِّرًا المؤمنينَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة: ٢٧٨-٢٧٩].
إنَّكَ لنْ تجدَ ذنْبًا بعدَ الشِّركِ باللهِ توعَّدَ اللهُ عليهِ بهذَا الجحيمِ منَ العقوباتِ مثلَ الرِّبا، لذَا قالَ الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ رحمَهُ اللهُ: «إنّي تصفَّحتُ كتابَ اللهِ وسنَّةَ نبيِّهِ ﷺ فلمْ أرَ شيئًا أشرَّ منَ الرِّبا؛ لأنَّ اللهَ آذَنَ فيهِ بالحربِ» الجامع لأحكام القرآن (٣/٣٦٤). (١).
حربٌ منَ اللهِ ورسولِهِ ﷺ على أكَلةِ الرِّبا في الدُّنيا والآخرةِ.
أما في الدُّنيا فيمحَقُ اللهُ خَيراتِهِمْ، ويُذهبُ طيِّباتِهِمْ، ويجعلُ حياتَهُمْ ضَنْكًا وفَقرًا وخرابًا.
قالَ سبحانه: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة: ٢٧٦].
ويقولُ النَّبيُّ ﷺ: «مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنَ الرِّبَا إِلَّا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ» سنن ابن ماجه (٢٢٧٩)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٥٥١٨). (٢).
هؤلاءِ بنو إسرائيلَ لـمَّا أكلُوا الرِّبا حرَمَهُمُ اللهُ طيِّباتِ ما رزقَهُمْ.
قال سبحانه: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ [النساء: ١٦٠-١٦١].
فإذا ماتَ آكِلُ الرِّبا عذَّبَهُ اللهُ في حياةِ البرزخِ عذابًا مُهينًا، فكيفَ ذلكَ؟
هلْ سمعتَ عن نهرٍ مِنَ دَمٍ؟
تعالَ لتسمعَ عَجبًا!
يقول النَّبيُّ ﷺ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا» صحيح البخاري (٢٠٨٥)، وصحيح مسلم (٢٢٧٥)، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. (٣).
لمْ تنتهِ القصَّةُ بعدُ، بلْ إذا جاءَ يومُ القيامةِ فهوَ على موعدٍ عندَ اللهِ بعذابٍ أشدَّ وأخزى.
أتدري كيف يُبعَثُ آكِلُ الرِّبا؟
قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: ٢٧٥].
يُبعَثُ النَّاسُ سِراعًا، أمَّا آكِلُ الرِّبا فقدْ ملأَ بطنَهُ بالحرامِ الخبيثِ، كانَ في الدُّنيا كالمجنُونِ الذي يبحثُ عنِ المالِ بأيِّ سبيلٍ، فيبعثُهُ اللهُ كالمجنونِ الذي يخنقُهُ الشَّيطانُ ويصرَعُهُ، لا يستطيعُ القيامَ.
ثمَّ يُحقِّقُ اللهُ فيهِ وعيدَهُ الذي آذنَهُ فيهِ بحربٍ منْهُ.
قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما: «يُقَال يَوْم القِيَامَة لآكل الرِّبَا: خُذ سِلَاحك للحَرب!»(٥/٣٩)، بسند جيد. (٤).
عِبادَ الله:
إنّ الرِّبا حرَّمَهُ اللهُ في كلِّ الشَّرائعِ، ما أباحَهُ قطُّ، وذلكَ لعظيمِ فسادِهِ وشدَّةِ خُبثِهِ.
فقدْ جعلهُ النَّبيُّ ﷺ من الموبقاتِ المهلِكاتِ، فقالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، ثمّ ذكرَ منها: «وَأَكْلُ الرِّبَا» صحيح البخاري (٢٧٦٦)، وصحيح مسلم (٨٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٥).
وشدَّدَ النَّبيُّ ﷺ فيهِ حتى لعنَ كلَّ مَنْ تَسبَّبَ فيهِ ولوْ بكتابتِهِ أوْ الشَّهادةِ عليهِ.
قَالَ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» صحيح مسلم (١٥٩٨)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (٦).
ومن شِدَّة قُبحِه عندَ الله جعَلَهُ النَّبيُّ ﷺ أعظمَ مِنَ الزنا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً» مسند أحمد (٢١٩٥٧)، من حديث عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٠٣٣). (٧).
أرأيتَ كيفَ أنَّ درهمًا واحدًا منَ الرِّبا أعظمُ إثمًا عندَ اللهِ منْ ستةٍ وثلاثينَ زنيةً؟
ولعلّكَ الآنَ تتساءلُ: ما الرِّبا الذي قصَدَتْهُ الشَّريعةُ بالتحريمِ؟
الرِّبا في اللُّغةِ الزِّيادةُ، وفي الشَّرعِ أبوابٌ عدَّةٌ منَ المعامُلاتِ الماليّةِ، أشهرُهَا -وهو الذي كانَ عليهِ أهلُ الجاهليةِ- ما يسمَّى برِبا القَرضِ، إذ كانَ أحدُهُمْ يقترضُ المالَ فإذَا جاءَ موعدُ السَّدادِ قالَ لهُ الدائنُ: أتدفعُ أمْ نزيدُ عليكَ الدَّينَ؟
فجاءتِ الشَّريعةُ بتحريمِهِ، حتى وضعَهُ النَّبيُّ ﷺ وأبطلَهُ، فقالَ في خُطبتِهِ بعرَفَة: «وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ» صحيح مسلم (١٢١٨)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (٨).
وهذا النَّوعُ هوَ أخبثُ الأنواعِ وأكثرُهَا انتشارًا، فبالأمسِ كانَ يقومُ عليَهَا الـمُرابونَ وتلحقُهُمْ لعَناتُ النَّاسِ، أما اليومَ وفي ظلِّ توحُّشِ الرَّأْسَماليَّةِ، ورَواجِ الحُرِّيةِ الماليةِ، فتقومُ عليهِ المؤسَّساتُ الـمَصرِفيةُ وشرِكاتُ التَّمويلِ، يدعونَ النَّاسَ لإيداعِ الأموالِ ويجعلونَ عليَهَا الفوائِدَ الرِّبَويةَ، ثمَّ يفِدُ إليَهَا النَّاسُ أفرادًا ومؤسَّساتٍ، يقترضونَ بالرِّبا الذي سمَّوْهُ زورًا فائدةً؛ ليرُوجَ عندَ الناسِ، بلْ وكيَّفُوا لهُ الفتاوى الشَّاذةَ ليسُوقُوا إليَهِمْ ضِعافَ الإيمانِ، حتى خرِبَتِ البُيوتُ وضاعَتِ الـمُجتَمَعاتُ، وانتشرَ الفَقرُ، وامتلأتِ السُّجُونُ، وشُرِّدَتِ الأُسَرُ، وسقَطَتْ دُوَلٌ تحتَ مَخالِبِ الغَربِ الآثِمَةِ.
إنَّ أهلَ العِلمِ والمجامعَ الفِقهيَّةَ في شتَّى بلدانِ العالمِ الإسلاميِّ يُفتونَ بتحريمِ ما يسمّى الفوائدَ البنكيَّةَ، ويقرِّرون أنَّهُ منَ الرِّبا بإجماعِ العُلماءِ، فكلُّ قرضٍ جرَّ نفعًا مشروطًا فهو من الرِّبَا المحرَّمِ، لا فرقَ في ذلكَ بينَ قرضٍ إنتاجيٍّ واستهلاكيٍّ.
إنَّنَا في دينِنَا -دينِ العدلِ والرَّحمةِ- شرَعَ اللهُ التَّجارةَ الحلالَ، وأحلَّ البيعَ، وشرعَ للناسِ المضاربةَ والشَّركةَ بأنواعِهَا، فلا يُظلَمُ صاحبُ المالِ ولا المضارِبُ، وشرَعَ -سبحانَهُ- القرضَ بينَ الناسِ إرفاقًا وتراحُمًا دونَ شرطِ منفعةٍ أوْ زيادةٍ، ووعَدَهُمْ عليهِ عظيمَ الأجرِ.
قال النَّبيُّ ﷺ: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فَرَأَى عَلَى بَابِهَا مَكْتُوبًا: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ» المعجم الكبير (٨/٢٩٧)، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣٤٠٧). (٩).
وشَرعَ سُبحانَهُ عُقودَ التَّوثيقاتِ التي يستوثقُ بها الدَّائنُ منْ دَينِهِ، فأمرَ بكتابةِ العقُودِ وشرَعَ الرَّهنَ والضَّمانَ، ثمَّ إذا أَعسَرَ الـمَدينُ أُمرَ الدَّائنُ بإنظارِهِ إلى أنْ يُوسِرَ، فقال سبحانه: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ٢٨٠].
وجَعلَ ثوابَ ذلك ظِلًّا ظليلًا يومَ القيامة، فقال ﷺ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ» صحيح مسلم (٣٠٠٦)، من حديث أبي اليسر رضي الله عنه. (١٠).
بارَكَ اللهُ لي ولكم في القُرآنِ العظيمِ، ونَفَعَني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم فاستغفِروه، إنَّهُ هو الغفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثَّانية
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن والاهُ، وبعدُ:
إِنَّ الرِّبا لَا يتوقفُ على ربا القرضِ، بلْ توجد أنواعٌ أخرى منَ الرِّبا نصَّ عليَهَا النَّبيُّ ﷺ في أصنافٍ معلومةٍ فيما يُسمَّى رِبا الفَضْلِ ورِبا النَّسيئةِ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ اسْتَزَادَ، فَقَدْ أَرْبَى، الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ» صحيح مسلم (١٥٨٤)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. (١١).
إنَّهُ يجبُ على كلِّ مسلمٍ أنْ يسألَ أهلَ العلمِ قبلَ البيعِ والشراءِ عنْ تلكَ البيوعِ الرِّبويةِ، وإلَّا أكلَ الرِّبَا شاءَ أمْ أبَى.
قالَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه: «لاَ يَبِعْ فِي سُوقِنَا إِلاَّ مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ» جامع الترمذي (٤٨٧)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (١/٢٧٥). (١٢).
ثمَّ اعلمُوا يا عبادَ اللهِ أنَّهُ لا يُنجِي العبدَ مِنْ سَخطِ اللهِ أنْ يقولَ: ما قصدْتُ أكلَ الرِّبَا، ثمَّ يفعلَ ما يشاءُ.
قال القرطبيُّ: «لو لم يكن الرِّبا إلا على من قصده ما حَرُمَ إلا على الفقهاء!»الجامع لأحكام القرآن (٣/٣٥٢). (١٣).
إنَّنَا إنْ أردنَا عزًّا ومجدًا وبركاتٍ منْ ربِّ العالمينَ فعلينَا -أفرادًا ومؤسساتٍ، شعوبًا ودُوَلًا- أنْ نتَّقيَ اللهَ وننتهيَ عنْ كلِّ أصنافِ المعاملاتِ الرِّبَويةِ، فإنَّ اللهَ وعدَنَا فقال: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف: ٩٦].
وتوعَّدَ المعرِضينَ فقالَ ﷺ: «مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» مسند أحمد (٣٨٠٩)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٥٦٣٤). (١٤).
وختامًا، منْ وقعَ في الرِّبا وأرادَ أنْ يتوبَ إلى اللهِ فلهُ رأسُ مالِهِ، كما قال الله: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة: ٢٧٩].
وَمَا كَانَ مِنْ أَمْوَالٍ رِبَوِيَّةٍ أخذَهَا ظُلمًا وجَبَ عليهِ ردُّهَا إلى أصحابِهَا، فإنْ لمْ يعرفْهُمْ أوْ بحثَ فلمْ يجدْهُمْ تصدَّقَ بهَا عنْهُمْ؛ تطهيرًا لمالِهِ منَ الحرامِ الخبيثِ، واللهُ غفورٌ رحيمٌ.
اللَّهُمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعِزَّ المسلمينَ، وأهْلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللَّهُمَّ وأنزِلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونَجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.
اللَّهُمَّ اغفِرْ لِلمُسلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ، وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ، الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: اُذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.







