Haseen
  • English
  • Dark Mode
  • الأربعاء 16 يوليو 2025 م - 20 محرم 1447 هـ   
  • دراسات وبحوث
  • مقالات
  • مرئيات
  • خطب حصين
  • مواد صحفية
  • قصص قصيرة
جديد الموقع:
  • خطبة (أين إجابة الدعاء)؟
  • الأكسس بارز والتوكيدات الإيجابية وجلب كينونات من عوالم أخرى!!.. حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت
  • خطبة (تِبيانًا لِكُلِّ شَيء)
  • مسابقة "قراء حصين".. كتاب "ترياق" للدكتور مطلق الجاسر
  • أضرار الطاقة الحيوية والشفاء الذاتي.. حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت
  • هل يوجد طاقة إيجابية وطاقة سلبية؟!.. حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت
خطبة (الـزلازل.. حِكَـم وعِبَـر)

خطبة (الـزلازل.. حِكَـم وعِبَـر)

  • خطب حصين
  • 2/8/2023 9:34:34 AM
نبه على خطأ
لتحميل المرفقات

عنوان الخطبة: الزلازل.. حِكَم وعِبَر

عناصر الخطبة:
١- قُدرة الربّ وعظمته.
٢-الزلازل من آيات الله. 
٣- من حِكَم الله في وقوع الزلازل. 
٤- موقف أهل الإيمان من الزلازل.
٥- خطَر الزلازل التي تهدم الدين.


 

الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَسكُنُ شَيءٌ فِي الكَونِ وَلَا يَتَحَرَّكُ إِلَّا بِتَقدِيرِهِ، خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَجَعَلَهُ طَوعَ أَمرِهِ وَتَدبِيرِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، خَضَعَت لِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ جَمِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَسَلّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ. أَمّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنّجوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ.
 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

خَلَقَ اللَّهُ السّمَوَاتِ وَالأَرضَ آيَاتٍ وَبَرَاهِينَ دَالَّةً عَلَيهِ وَعَلَى وَحدَانِيّتِهِ، فَرَفَعَ السّمَاءَ بِغَيرِ عَمَدٍ، وَجَعَلَ الأَرضَ مِهَادًا وَقَرَارًا، وَأَرسَاهَا بِالجِبَالِ لِئَلَّا تَمِيدَ وَتَضطَرِبَ بِالنَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَهَا وَأَلقَى فِي الأَرضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُم وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.
 

وَإِنَّ مِن قُدرَةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ أَن يَأذَنَ لِلأَرضِ فَتَضطَرِبَ بِأَهلِهَا وَتَتَحَرّكَ بِهِم، فَبَينَمَا هُم فِي سُكُونٍ وَأَمَانٍ، وَرَكُونٍ إِلَى مَشَاغِلِهِم وَاطمِئنَانٍ، إِذ بِهَا تَتَزَلزَلُ مِن تَحتِ أَقدَامِهِم، وَتَخِرُّ عَلَيهِم السُّقُفُ مِن فَوقِهِم؛ لِيُرِيَهُم سُبحَانَهُ مِن آيَاتِ قُدرَتِهِ مَا يَحصُلُ لَهُم بِهِ التَّذَكُّرُ وَالِاعتِبَارُ، وَالتَّوبَةُ وَالِاستِبصَارُ، فَتُفِيقَ النُّفُوسُ بَعدَ غَفلَتِهَا، وَتَلِينَ القُلُوبُ بَعدَ قَسوَتِهَا، قَالَ تَعَالَى: ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ.
 

عِبَادَ الله!

الزَّلَازِلُ مِن أَمرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقدِيرِهِ، وَهِيَ مِن جُنُودِهِ الَّتِي يُصِيبُ بِهَا مَن شَاءَ مِن عِبَادِهِ، وَهِيَ وَإِن كَانَت لَهَا أَسبَابٌ مَعلُومَةٌ مَن تَحَرُّكِ صَفَائِحَ قِشرَةِ الأَرضِ، فَإِنّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ خَالِقُ هَذِهِ الأَسبَابِ وَمُقَدّرُهَا، وَهُوَ الَّذِي يَجعَلُهَا عَذَابًا أَو ابتِلَاءً لِمَن شَاءَ مِن خَلقِهِ.

عِبَادَ الله!

إِنّ مِن حِكَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي وُقُوعِ هَذِهِ الزَّلَازِلِ: تَذكِيرَ الإِنسَانِ بِقُدرَتِهِ سُبحَانَهُ عَلَيهِ وَعَظِيمِ قُوّتِهِ، وَتَذكِيرَ الإِنسَانِ بِضَعفِهِ وَحَاجَتِهِ وَعَجزِهِ: فَالكَونُ كُلُّهُ خَاضِعٌ لِلَّهِ، وَهُوَ سُبحَانَهُ لَا يُعجِزُهُ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلَا فِي السّمَاءِ، فَإِذَا أَرَادَ شَيئًا فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ، وَلَا يَملِكُ الإِنسَانُ مَهمَا طَغَا وَعَتَا، وَمَهمَا تَعَلَّمَ وَتَطَوّرَ، لَا يَملِكُ أَن يُسَكِّنَ الأَرضَ إِذَا تَحَرَّكَت، وَلَا أَن يَمنَعَ البَلَايَا إِذَا تَحَقَّقَتْ.

فَالزَّلَازِلُ الَّتِي تَحدُثُ فِي الأُمَّةِ مِن أَعظَمِ الآيَاتِ الَّتِي يُرسِلُهَا اللَّهُ تَعَالَى تَذكِيرًا لِعِبَادِهِ، وَتَخوِيفًا لَهُم، قَالَ تَعَالَى: وَمَا نُرسِلُ بِالآياتِ إِلَّا تَخوِيفاً.

وَإِنّمَا كَانَتْ هَذِهِ الزَّلَازِلُ تَخوِيفًا لِأَنّ اللَّهَ تَعَالَى عَذَّبَ بِهَا أَقوَامًا وَجَعَلَهَا سَبَبًا لِهَلَاكِهِم؛ كَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحُوا فِي دَارِهِم جَاثِمِينَ.

قَالَ ابنُ القَيّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَإِنّهُ سُبحَانَهُ لَا يَزَالُ يُحدِثُ لِعِبَادِهِ مِنَ الآيَاتِ مَا يُخَوِّفُهُم بِهَا وَيُذَكّرُهُم بِهَا).

وَإِنّمَا يَكُونُ التّخوِيفُ بِهَذِهِ الآيَاتِ وَالوَعِيدُ بِهَا إِذَا جَاهَرَ النَّاسُ بِالمَعَاصِي، وَأَعلَنُوا بِالفَوَاحِشِ، وَكَثُرَ فِيهِمُ الخَبَثُ، وَقَلَّ فِيهِم النّاصِحُونَ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ظُهُورُ هَذِهِ الزَّلَازِلِ وَعِيدًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَهلِ الأَرضِ، قَالَ تَعَالَى: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذَابُ مِن حَيثُ لاَ يَشعُرُونَ، وَقَالَ تَعَالَى: إِن نَّشَأ نَخسِفْ بِهِمُ الأرضَ أَو نُسقِطْ عَلَيهِم كِسَفاً مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبدٍ مُّنِيبٍ.

وَلِذَلِكَ لَمّا وَقَعَ زِلزَالٌ بِالمَدِينَةِ فِي عَهدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قَامَ فِيهِم خَطِيبًا وَوَعَظَهُمْ وَقَالَ: «أَحْدَثْتُمْ! لَقَدْ عَجِلْتُمْ! لَئِن عَادَت لَأَخرُجَنَّ مِنْ بَينِ ظَهْرَانَيْكُم».

وَمِنْ حِكَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي وُقُوعِ هَذِهِ الزَّلَازِلِ التَّذكِيرُ بِزَلزَلَةِ السّاعَةِ وَهَولِهَا العَظِيمِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى قُربِهَا وَصِدقِ وُقُوعِهَا: فَقَد أَخبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنّ السّاعَةَ لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَكثُرَ الزَّلَازِلُ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يَقِلَّ العِلمُ، وَيَفشُوَ الجَهلُ، وَتَكثُرَ الزَّلَازِلُ»، وَالمُرَادُ بِكَثرَتِهَا: شُمُولُهَا وَدَوَامُهَا، كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.
 

فَحُدُوثُ الزَّلَازِلِ مُذَكِّرٌ بِالزِّلزَالِ الأَعظَمِ، قَالَ تَعَالَى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنَّ زَلزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ * يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمَّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ.
 

اِهتَزّتِ الأَرضُ مِن ذَنبٍ سَرَى فِيهَا 
  فَارْتَجَّ نَائِمُهَا وَارْتَاعَ صَاحِيهَا

 

وَالهَزُّ قَدْرَ ثَوَانٍ قَضَّ مَضْجَعَنَا   
فَكَيفَ بِالهَزَّةِ الكُبرَى تُوَافِيهَا؟

 

عِبَادَ اللَّهِ!

إِنّ فِعلَ اللَّهِ تَعَالَى كُلَّهُ حِكمَةٌ، فَهُوَ سُبحَانَهُ الخَيرُ فِي يَدَيهِ، وَالشَّرُّ لَيسَ إِلَيهِ، وَلَئِن كَانَ مَا يُصِيبُ الفُجّارَ مِن الزَّلَازِلِ وَآثَارِهَا استِئصَالًا وَإِهلَاكًا، فَإِنَّ مَا يُصِيبُ المُؤمِنِينَ مِنهَا فِيهِ الرَّحمَةُ وَالعِبرَةُ وَالعِظَةُ، وَتَكفِيرُ السَّيِّئَاتِ، وَاتّقَاءُ العَذَابِ الأَكبَرِ بِالأَدنَى، مَا دَامُوا صَابِرِينَ مُحتَسِبِينَ رَاجِعِينَ إِلَى اللهِ: وَعَسى أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيرٌ لَكُم.
 

جَاءَ عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرحُومَةٌ، لَيسَ عَلَيهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنيَا: الفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالقَتلُ».
 

وَمِن حِكَمِ اللهِ في هَذَا الابتِلَاءِ: أنّه سبحانه يَمِيزُ بِهِ المؤمِنَ الرَّاضِيَ الصَّابِرَ مِنَ السَّاخِطِ الفَاجِرِ، وأنّه سُبحَانَه يَجتَبِي مِنَ المؤمِنِينَ شُهَدَاء، فَإِنَّ صَاحِبَ الهَدْمِ شَهِيدٌ كَمَا أَخبَرَ النّبيُّ ﷺ.

وَالمُؤمِنُونَ هُم وَحدَهُم أَهلُ الِانتِفَاعِ بِهَذِهِ الآيَاتِ، وَأَمّا غَيرُهُم فَمَا تَزِيدُهُم إِلَّا طُغيَانًا، قَالَ تَعَالَى: وَمَا تُغنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَومٍ لَّا يُؤمِنُونَ، وقال تعالى: وَنُخَوِّفُهُم فَمَا يَزِيدُهُم إِلَّا طُغيَاناً كَبِيراً.

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسلِمِينَ مِن كُلِّ ذَنبٍ فَاستَغفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.


 

الخطبة الثانية

الحَمدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالَاهُ، أَمَّا بَعدُ:

عِبَادَ اللَّهِ:

آلَمَنَا كَثِيرًا مُصَابُ إِخوَانِنَا المُسلِمِينَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِمَا حَلَّ فِي دِيَارِهِم مِنَ الزِّلزَالِ المُدَمِّرِ، وَقَد أَخبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنّ «المُؤمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِم وَتَوَادِّهِم وَتَعَاطُفِهِم، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى».

فَوَاجِبُنَا تُجَاهَ إِخوَتِنَا مَعُونَتُهُم بِمَا يَسَعُنَا، وَجَبرُ مُصَابِهِم بِمَا أَمكَنَنَا، بِأَن نُغِيثَ مَلهُوفَهُم، وَنَستَنقِذَ مَحصُورَهُم، وَنُدَاوِيَ كَسِيرَهُم، وَنَوَاسِيَ حَسِيرَهُم، وَنُؤمّنَ خَائِفَهُم، وَنُسَلِّيَ مَحزُونَهُم، وَنَسأَلَ اللهَ أن يُفَرِّجَ عَنهُم، فَأُمَّةُ الإِسلَامِ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ.

وَإِنّ مِمّا يُؤلِمُ القُلُوبَ كَذَلِكَ وَتَتَفَطّرُ لَهُ الأَكبَادُ، مَا يَتَعَرّضُ لَهُ المُسلِمُونَ مِن زَلَازِلَ مَعنَوِيَّةٍ تَهدِمُ بُنيَانَ الإِيمَانِ فِي قُلُوبِهِم، وَتَضطَرِبُ لَهَا ثَوَابِتُهُم وَمُسَلَّمَاتُهُم.

فَكَمَا أَنّ هَذِهِ الزَّلَازِلَ الحِسِّيَّةَ الَّتِي تَهُزُّ الأَرضَ وَتُحَرِّكُهَا وَتَضطَرِبُ لَهَا جَنَبَاتُهَا لَهَا آثَارٌ أَلِيمَةٌ، وَعَوَاقِبُ وَخِيمَةٌ، مِن تَدمِيرِ القُرَى وَالمُدُنِ وَالمَسَاكِنِ، فَكَذَلِكَ الزَّلَازِلُ المَعنَوِيَّةُ الَّتِي تُحَرِّكُ العَقَائِدَ، وَيَضطَرِبُ مَعَهَا الإِيمَانُ وَالأَخلَاقُ، لَهَا كَذَلِكَ آثَارٌ شَدِيدَةٌ، هِيَ فِي الحَقِيقَةِ أَشَدُّ وَأَعظَمُ.

وَالزِّلزَالَ الَّذِي يَعْرِضُ لِلقُرَى وَالبُنيَانِ يُحِسُّ وَيَشعُرُ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ مِمَّن أَصَابَهُ، وَأَمّا الزِّلزَالُ الَّذِي يُحَرِّكُ القُلُوبَ وَالعَقَائِدَ فَقَد لَا يَشعُرُ بِهِ النَّاسُ غَالِبًا، وَالزِّلزَالُ الحِسِّيُّ يَكُونُ بِهِ ذَهَابُ الأَبدَانِ، بَينَمَا زِلزَالُ الإِيمَانِ وَالأَخلَاقِ وَالعَقَائِدِ بِهِ ذَهَابُ الأَديَانِ، والزَّلَازِلُ الحِسِّيَّةُ بِهَا خَسَارَةُ الدُّنيَا، بَينَمَا الزَّلَازِلُ المَعنَوِيَّةُ بِهَا خَسَارَةُ الآخِرَةِ.

أَسأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَن يَحفَظَ عَلَينَا دِينَنَا وَإِيمَانَنَا، وَأَن يُثَبِّتَنَا عَلَى الحَقِّ حَتَّى نَلقَاهُ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمّدٍ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.

اللَّهُمَّ احْفَظْ إِخْوَانَنَا المُسلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِن بَينِ أَيدِيهِمْ وَمِن خَلفِهِمْ وَعَن أَيمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَمِن فَوقَهِمْ، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَن يُغتَالُوا مِن تَحتِهِمْ. اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الغَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَّلَازِلَ وَالمِحَنَ وَسُوءَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِلمُسْلمِينَ والمُسلِماتِ والمُؤمِنِينَ والمُؤمِنَاتِ. اللَّهُمَّ وَفِّق وَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله: اُذكُرُوا اللهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وآخِرُ دَعْوَانَا أنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمين.

 

عرض الهوامش

مرفقات

  • تحميل خطبة (الـزلازل.. حِكَـم وعِبَـر) - PDF
  • تحميل خطبة (الـزلازل.. حِكَـم وعِبَـر) - WORD
  • تحميل خطبة (الـزلازل.. حِكَـم وعِبَـر) - PDF - A5
  • تحميل خطبة (الـزلازل.. حِكَـم وعِبَـر) - WORD - a5
  • حصين
  • خطب
  • دراسات
  • الزلازل
  • زلزال سوريا
  • زلزال تركيا
  • زلزال الشرق الأوسط
  • زلزال
شارك المحتوى:

التواصل الاجتمــاعي

Tweets by HaseenKwt

الأكثر قراءة

  • خطبة (العطلة الصيفية.. غرس وبناء)

    خطبة (العطلة الصيفية.. غرس وبناء)

    6/11/2025 2:20:37 PM

  • خطبة (الاستعداد للقاء الله)

    خطبة (الاستعداد للقاء الله)

    6/18/2025 6:21:06 AM

  • خطبة (الحيّ الذي لا يموت)

    خطبة (الحيّ الذي لا يموت)

    5/20/2025 12:02:59 AM

  • خطبة (طمأنينة المؤمن)

    خطبة (طمأنينة المؤمن)

    6/25/2025 12:54:06 PM

  • خطبة (مدرسة الحجّ.. ليشهدوا منافع لهم)

    خطبة (مدرسة الحجّ.. ليشهدوا منافع لهم)

    6/2/2025 11:49:15 AM

إحصائيات

  • 0 الزوار
  • 0 الفيديوهات
  • 0 الكتابات

تصنيفات

  • مقالات 12
  • خطب ومحاضرات 1
  • مرئيات 252
  • مواد صحفية 67
  • دراسات وبحوث 3
  • خطب حصين 149
  • قصص قصيرة 3

أحدث المقالات

  • خطبة (أين إجابة الدعاء)؟

    خطبة (أين إجابة الدعاء)؟

    7/16/2025 11:52:00 AM

  •  الأكسس بارز والتوكيدات الإيجابية وجلب كينونات من عوالم أخرى!!.. حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت

    الأكسس بارز والتوكيدات الإيجابية وجلب كينونات من عوالم أخرى!!.. حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت

    7/12/2025 10:18:11 PM

  • خطبة (تِبيانًا لِكُلِّ شَيء)

    خطبة (تِبيانًا لِكُلِّ شَيء)

    7/8/2025 2:34:48 AM

  • مسابقة "قراء حصين".. كتاب "ترياق" للدكتور مطلق الجاسر

    مسابقة "قراء حصين".. كتاب "ترياق" للدكتور مطلق الجاسر

    7/6/2025 8:37:23 PM

  • أضرار الطاقة الحيوية والشفاء الذاتي.. حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت

    أضرار الطاقة الحيوية والشفاء الذاتي.. حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت

    7/6/2025 8:25:51 PM

مقالات ذات صلة

خطبة (أين إجابة الدعاء)؟

خطبة (أين إجابة الدعاء)؟

7/16/2025 11:52:00 AM
خطبة (تِبيانًا لِكُلِّ شَيء)

خطبة (تِبيانًا لِكُلِّ شَيء)

7/8/2025 2:34:48 AM
خطبة (طمأنينة المؤمن)

خطبة (طمأنينة المؤمن)

6/25/2025 12:54:06 PM
خطبة (الاستعداد للقاء الله)

خطبة (الاستعداد للقاء الله)

6/18/2025 6:21:06 AM
خطبة (العطلة الصيفية.. غرس وبناء)

خطبة (العطلة الصيفية.. غرس وبناء)

6/11/2025 2:20:37 PM
خطبة (مدرسة الحجّ.. ليشهدوا منافع لهم)

خطبة (مدرسة الحجّ.. ليشهدوا منافع لهم)

6/2/2025 11:49:15 AM
خطبة (الحيّ الذي لا يموت)

خطبة (الحيّ الذي لا يموت)

5/20/2025 12:02:59 AM
خطبة (السـحــر)

خطبة (السـحــر)

5/12/2025 11:54:42 AM
أصدقاء حصين

تابعنا عبر البريد الإلكتروني

روابط مهمة

  • مقالات
  • مرئيات
  • خطب حصين
  • من نحن
  • اتصل بنا

اتصل بنا

الكويت - حى الروضة
+96566407470
info@haseenkwt.com
جميع الحقوق محفوظة © 2021, مركز حصين للأبحاث والدراسات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات
  • مرئيات
  • خطب حصين
  • مواد صحفية
  • قصص قصيرة