Haseen
  • English
  • Dark Mode
  • الثلاثاء 20 مايو 2025 م - 22 ذو القعدة 1446 هـ   
  • دراسات وبحوث
  • مقالات
  • مرئيات
  • خطب حصين
  • مواد صحفية
  • قصص قصيرة
جديد الموقع:
  • لماذا يستكبرون عن العبودية؟.. الحلقة التاسعة من برنامج "نعم العبد" بصحبة د. لؤي الصمادي
  • الطب الشعوري التصنيفي "الميتا هيلث) علم أم وهم وخديعة؟!..حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت
  • الفن.. رسالة حق ولا رسالة شيطان؟!.. حلقة جديدة من سلسلة (سهيل أنيميشن)
  • مركز حصين يفتح باب القبول لدفعة جديدة لمدارسة القرآن بطريقة السلف - مسار سورة البقرة
  • خطبة (السـحــر)
  • عبودية العقل أم الإيمان الأعمى؟.. الحلقة الثامنة من برنامج "نعم العبد" بصحبة د. لؤي الصمادي
خطبة (وإنك لعلى خلق عظيم)

خطبة (وإنك لعلى خلق عظيم)

  • خطب حصين
  • 9/2/2024 12:15:45 AM
نبه على خطأ
لتحميل المرفقات

عنوان الخطبة: وَإِنَّكَ ‌لَعَلَى ‌خُلُقٍ عَظِيمٍ.

عناصر الخطبة:

١- أخلاقه ﷺ.

٢- النبي ﷺ مثال عَمَلي للقرآن.

٣- شمائله ﷺ من براهين نبوته.

٤- حقوقه ﷺ على أمته.

 

الحمدُ للهِ الذي منَّ على المؤمنينَ، فبعثَ فيهم محمدًا النبيَّ الصادقَ الأمينَ، ذا الخُلُقِ العظيمِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السرِّ والنجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

عبادَ اللهِ:

في ذاتِ يومٍ أهْدَتِ امرأةٌ إلى النبيِّ ﷺ ثوبًا، وقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَحْسَنَ هَذِهِ، فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ: «نَعَمْ». فرَجَعَ النبيُّ ﷺ إلى بيتِهِ، فَطَوَاهَا ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فلَامَ الصحابةُ y ذلكَ الرجلَ، وقَالُوا: مَا أَحْسنتَ حِينَ رَأَيتَ النَّبِيَّ ﷺ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ ﷺ، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا. (١)

إن نبيَّنا ﷺ نبيٌّ كريمٌ، كريمُ القدرِ، كريمُ الصفاتِ، كريمُ الشمائلِ.

صدقَ فيه أنسُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه، حين قالَ واصفًا إيّاهُ –وهو الذي خدمَهُ عشرَ سنين-: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ». (٢)

وصدقَ فيه شاعرهُ حسّان بن ثابت رضي الله عنه حين قال يرثيه:

لَقَدْ غَيّبُوا حِلْمًا وَعِلْمًا وَرَحْمَةً
عَشِيّةَ عَلّوْهُ الثّرَى لَا يُوَسّدُ

يَدُلّ عَلَى الرّحْمَنِ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ
وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الْخَزَايَا وَيُرْشِدُ

إمَامٌ لَهُمْ يَهْدِيهِمُ الْحَقَّ جَاهِدًا
مُعَلّمُ صِدْقٍ إنْ يُطِيعُوهُ يَسْعَدُوا


 

بل صدَقَ ربُّه الذي زكّاهُ فأحسنَ تزكيتهُ، ووصفَهُ فأبلغَ في وصفهِ حين قال: وَإِنَّكَ ‌لَعَلَى ‌خُلُقٍ عَظِيمٍ[القلم: ٤].

وصدقَ في وصفهِ حين قال جلّ شأنُه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب: ٤٥-٤٦].

وصدقَ وأبلغَ في قولِهِ سبحانهُ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ[الأنبياء: ١٠٧].

لقد كانَ ﷺ أتقى الناسِ، وأعبدَ الناسِ، وأزهدَ الناسِ، وأوْرعَ الناسِ، وأخشاهم لربِّهِ، دائمَ الذكرِ لمولاهُ، قُرَّةُ عينِهِ الصلاةُ، يبكي من خشيةِ ربِّهِ حتى يَبُلَّ لحيتَهُ وثوبَهُ بل والأرضَ التي تحتَ قدمِهِ، يقومُ الليلَ حتى ترمَ قدماهُ، ويقولُ: «أفلا أكونَ عبدًا شكورًا؟» (٣)

كان ﷺ أحرصَ الناسِ على هدايةِ الناس، كما قالَ الله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ‌حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[التوبة: ١٢٨].

ليسَ العجبُ ممن يسعى في صلاحِ نفسِهِ ونفعِها أن يصبرَ على الناسِ ويحتمِلَ أذاهُم، إنما العجبُ ممن سعيُه كلُّهُ في صلاحِ الناسِ ونفعِهم وإنقاذِهم من العذابِ، وهم يؤذونَهُ ويتوعّدونَهُ ويُكذّبونَهُ، وهو حليمٌ عليهم، رحيمٌ بهم، حريصٌ على هدايتِهم، يعفو ويصفحُ ويدعو لهم.

لقد أدْمَوه يومًا فجَعل يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ». (٤)

حتى في أصعب الأيام التي آذَوْه فيها ﷺ، يأتيه مَلَكُ الجِبَالِ ويقول يَا مُحَمَّدُ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». (٥)

يأتيه الطُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ، فيقولون: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فقال بعض الناس: هَلَكَتْ دَوْسٌ، فقَالَ ﷺ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ». (٦)

كان كما قال رب العالمين: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ ‌بَعَثَ ‌فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ[آل عمران: ١٦٤].

يتلو على الناس القرآن، ويعلِّمهم دينَ الله كتعليمِ الوالدِ الحاني، كما كانَ يقولُ لأصحابه: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ». (٧)

ولما تكلَّمَ أحدُ أصحابه في أثناءِ الصلاةِ دون علم، علَّمه أجملَ التعليم، حتى قال: «مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ». (٨)

ويُزكّي أصحابَهُ ويُربّيهم، فيَغرسُ فيهمُ الإيمانَ قبل القرآنِ، ويُحبّبُ إليهم ربّهم ويعظّمُهُ في قلوبِهم، يعلّقُ قلوبَهم بالجنانِ، ويخوّفَهم عذابَ النّيرانِ. 

كانَ ﷺ طبيبَ القلوبِ والنفوسِ، يَعْلمُ عِلَلَها ودواءَها، فيترفَّقَ بهم حتى يأذنَ اللهُ بالشفاءِ.

جاءه شابٌّ قائلًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فقربه إليه ثم قَالَ «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟» قَالَ لَا وَاللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ». قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ». ثم وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ» فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ". (٩)

يدعو فاعلَ الكبيرة إلى التوبة، ويفتحُ له بابَ الرَّجاء، بل لَمّا دعا أحدُهم على رجلٍ شَرِبَ الخمر وأُقيمَ عليه الحدُّ قائلا: "أَخْزَاكَ اللَّهُ". قَالَ ﷺ: «لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ! وَلَكِنْ قُولُوا: رَحِمَكَ اللَّهُ».  (١٠)

وكان أصدقَ الناس لسانًا، وأعظمَهم أمانةً، وأوفاهم عهدًا، لا يغدِرُ حتّى بأعدائِه، وكان يقول: «نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ». (١١)

وكان ﷺ فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلأْلأُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، يملأُ العين مهابة ووقارًا، حتى قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: «مَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ؛ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ» (١٢)

وكان أطيبَ الناس قولًا، لا تُعابُ عليه كلمة، لَمْ يَكُن فاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا».  (١٣)

يعيشُ بينهم غايةَ التواضعِ، يجلسُ كما يجلسُ العبدُ، ويأكلُ كما يأكلُ العبدُ، ليسَ مَلِكًا كملوكِ الدنيا، لا يتميزُ بينهم بشارَةٍ ولا ثوبٍ، ولا حُجّابٍ ولا حرَس، يكون في بيته «يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيُرَقِّعُ ثَوْبَهُ وَيَحْلِبُ شَاتَهُ»  (١٤)

جاءه رجل فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ: «هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ».  (١٥)

يُشاورُ أصحابَهُ، ويَنزلُ على رأيِهم، يتفقَّدُ أحوالَهم، ويزورُ ضعيفَهم، ويعودُ مريضَهم، ويحزنُ لمُصابِهم، ويجودُ عليهم، ويؤثرُهم على نفسِه ﷺ.

يقول جابر رضي الله عنه: «مَا سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَالَ لاَ».  (١٦)

أشجعُ الناس قلبًا، وأقواهم في دين الله، لا أحدَ أغْيَرُ على دين الله منه، مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ. (١٧)

يَخرجُ معهم للجهاد، ويُقاتلُ معهم ودونهم، حتى قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى مِنَ القَوْمِ مِنْهُ». (١٨)، ثابتٌ كالجبلِ الأشمّ لا يَفِرّ، أعلنها للمشركين قائلًا: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي (أي حتى لو قُطِعت عُنُقي)، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ».  (١٩)

هكذا كانَ ﷺ النبيُّ القدوة، والأسوة الحسنة، عظيمُ الأخلاق، كريمُ السَّجايا، طيِّبُ الشمائل، جميلُ الفَعال.

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروهُ، إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آلهِ وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإنّ سيرة نبيّنا ﷺ وأخلاقَه وشمائلَه، من أعظم براهين صدق نبوته، فلا يملِك قلبُك ونفسُك وأنتَ تَقرأُ عظيمَ أخلاقه، وجميلَ سجاياه، إلّا أن تقولَ: لا يفعلُ هذا إلا نبي!

تلوحُ على وجهه سواطعُ أنوارِ النبوة، هذا عبدُ الله بنُ سَلَام يقول عن حاله - وكان يهوديًّا فأسلم-: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ». (٢٠)

لو لم تكُنْ فيه آياتٌ مبيِّنةٌ
كانت بديهتُه تأتيكَ بالخَبَر

 

إنَّ لهذا النبيِّ الكريمِ حقًّا عظيمًا علينا: 

فعلينا أن نؤمنَ به ﷺ نبيًّا رسولًا، ونوقِّرَهُ ونعظِّمَهُ، ونضعَ كلامَهُ على الرأسِ والعينِ، فلا نُقدِّمَ على قولِهِ وعلى حُكمهِ رأيًا ولا عقلًا ولا فكرًا، ولا قولَ أحدٍ كائنًا من كان. 

علينا أن نتّبعَ هديهُ، ونُطيعَ أمرهُ، ونتخلَّقَ بأخلاقهِ، ونتعلَّمَ سيرتَهُ، ونحبَّهُ أعظمَ من حبِّنا لأنفسِنا. 

علينا أن نبلِّغَ دينهُ، وننصرَ سنتَهُ، ونغضبَ لأجلِهِ، ونواليَ وننصُرَ المؤمنينَ الذينَ يشاركونَنا محبتَهُ والإيمانَ بهِ والدفاعَ عن دينِهِ.

ذاكمُ طريقُ الفلاح كما قال ربنا: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا ‌النُّورَ ‌الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[الأعراف: ١٥٧].

اللهمَّ انصر الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِك اليهودَ المجرمينَ، اللهمَّ وأنزل السكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادكَ المستضعفينَ، وارفعْ رايةَ الدينِ، بقُوَّتِك يا قويُّ يا متينُ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عرض الهوامش

  1. (1) صحيح البخاري (٦٠٣٤).
  2. (2) صحيح البخاري (٣٠٤٠)، وصحيح مسلم (٢٣٠٧).
  3. (3) صحيح البخاري (١١٣٠)، وصحيح مسلم (٢٨١٩).
  4. (4) صحيح البخاري (٣٤٧٧).
  5. (5) صحيح البخاري (٣٢٣١)، وصحيح مسلم (١٧٩٥).
  6. (6) صحيح البخاري (٢٩٣٧)، وصحيح مسلم (٢٥٢٤).
  7. (7) المسند (٧٤٠٩)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (٢٥٢).
  8. (8) صحيح مسلم (٥٣٧).
  9. (9) المسند (٢٢٢١١)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣٧٠).
  10. (10) صحيح البخاري (٦٧٧٧)، وزاد أحمد في المسند (٧٩٨٥) قوله:"وَلَكِنْ قُولُوا: رَحِمَكَ اللَّهُ".
  11. (11) صحيح مسلم (٢٣٩٤).
  12. (12) صحيح مسلم (١٢١).
  13. (13) صحيح البخاري (٢٧٣١).
  14. (14) رواه البخاري في الأدب المفرد (٥٣٩)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (٤١٩، ٤٢٠).
  15. (15) سنن ابن ماجه (٣٣١٢)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٦٧٧).
  16. (16) صحيح البخاري (٣٤٧٧).
  17. (17) رواه البخاري (٦٧٨٦).
  18. (18) المسند (١٣٤٧)، بإسناد صحيح.
  19. (19) صحيح البخاري (٢٧٣١).
  20. (20) جامع الترمذي (٢٤٨٥)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٥٦٩).

مرفقات

  • تحميل خطبة (وإنك لعلى خلق عظيم) - pdf
  • تحميل خطبة (وإنك لعلى خلق عظيم) - word
  • تحميل خطبة (وإنك لعلى خلق عظيم) - pdf - A5
  • تحميل خطبة (وإنك لعلى خلق عظيم) - word - A5
  • وإنك لعلى خلق عظيم
  • الأخلاق في الإسلام
  • مكانة الأخلاق
  • أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
  • شمائل النبي صلى الله عليه وسلم
  • حقوق النبي صلى الله عليه وسلم
شارك المحتوى:

التواصل الاجتمــاعي

Tweets by HaseenKwt

الأكثر قراءة

  • خطبة (التغريب ومسخ الهوية)

    خطبة (التغريب ومسخ الهوية)

    4/16/2025 1:00:42 AM

  • خطبة (وانقضى رمضان)

    خطبة (وانقضى رمضان)

    3/23/2025 8:32:58 PM

  • خطبة (هجر القرآن)

    خطبة (هجر القرآن)

    4/8/2025 6:12:58 AM

  • خطبة (الميل العظيم)

    خطبة (الميل العظيم)

    4/23/2025 6:48:21 AM

  • خطبة (الامتحان الأخير)

    خطبة (الامتحان الأخير)

    5/7/2025 10:52:34 AM

إحصائيات

  • 2055 الزوار
  • 0 الفيديوهات
  • 1 الكتابات

تصنيفات

  • مقالات 11
  • خطب ومحاضرات 1
  • مرئيات 234
  • مواد صحفية 66
  • دراسات وبحوث 3
  • خطب حصين 142
  • قصص قصيرة 3

أحدث المقالات

  • الطب الشعوري التصنيفي "الميتا هيلث) علم أم وهم وخديعة؟!..حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت

    الطب الشعوري التصنيفي "الميتا هيلث) علم أم وهم وخديعة؟!..حلقة جديدة من برنامج الإلحاد الروحي بصحبة د. هيثم طلعت

    5/18/2025 9:20:32 AM

  • الفن.. رسالة حق ولا رسالة شيطان؟!.. حلقة جديدة من سلسلة (سهيل أنيميشن)

    الفن.. رسالة حق ولا رسالة شيطان؟!.. حلقة جديدة من سلسلة (سهيل أنيميشن)

    5/16/2025 10:08:21 PM

  • مركز حصين يفتح باب القبول لدفعة جديدة لمدارسة القرآن بطريقة السلف - مسار سورة البقرة

    مركز حصين يفتح باب القبول لدفعة جديدة لمدارسة القرآن بطريقة السلف - مسار سورة البقرة

    5/14/2025 12:17:57 PM

  • خطبة (السـحــر)

    خطبة (السـحــر)

    5/12/2025 11:54:42 AM

  • عبودية العقل أم الإيمان الأعمى؟.. الحلقة الثامنة من برنامج "نعم العبد" بصحبة د. لؤي الصمادي

    عبودية العقل أم الإيمان الأعمى؟.. الحلقة الثامنة من برنامج "نعم العبد" بصحبة د. لؤي الصمادي

    5/12/2025 11:29:44 AM

مقالات ذات صلة

خطبة (السـحــر)

خطبة (السـحــر)

5/12/2025 11:54:42 AM
خطبة (الامتحان الأخير)

خطبة (الامتحان الأخير)

5/7/2025 10:52:34 AM
خطبة (تبديل الدين)

خطبة (تبديل الدين)

4/30/2025 6:16:40 AM
خطبة (الميل العظيم)

خطبة (الميل العظيم)

4/23/2025 6:48:21 AM
خطبة (التغريب ومسخ الهوية)

خطبة (التغريب ومسخ الهوية)

4/16/2025 1:00:42 AM
خطبة (هجر القرآن)

خطبة (هجر القرآن)

4/8/2025 6:12:58 AM
خطبة (وانقضى رمضان)

خطبة (وانقضى رمضان)

3/23/2025 8:32:58 PM
خطبة (القرآن المعجزة الخالدة)

خطبة (القرآن المعجزة الخالدة)

3/19/2025 4:08:54 AM
أصدقاء حصين

تابعنا عبر البريد الإلكتروني

روابط مهمة

  • مقالات
  • مرئيات
  • خطب حصين
  • من نحن
  • اتصل بنا

اتصل بنا

الكويت - حى الروضة
+96566407470
info@haseenkwt.com
جميع الحقوق محفوظة © 2021, مركز حصين للأبحاث والدراسات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات
  • مرئيات
  • خطب حصين
  • مواد صحفية
  • قصص قصيرة