خطبة (الأمّة الواحدة)

خطبة (الأمّة الواحدة)

عنوان الخطبة: الأمّة الواحدة

عناصر الخطبة:

١- أمَّتكم أمةٌ واحدة.

٢- مظاهر وأسباب الوَحدة.

٣- ثمرة الوَحدة.

٤- مساوئ الفُرقة.

الحمدُ للهِ الذي يُعِزُّ المؤمنينَ بقُوَّتِهِ، ويُذِلُّ الكافرينَ بعزَّتِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعدُ، فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

عبدَ الله:

هلِ اشتكَتْ عينُكَ يومًا فاشتكى كلُّكَ لأجلِ عينِكَ؟

يقولُ النَّبيُّ ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ، اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ، اشْتَكَى كُلُّهُ»صحيح مسلم (٦٧)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. (١).

المسلمون جميعًا في جنَباتِ الأرضِ، على اختلافِ شعوبِهِم ولُغاتِهِم وألوانِهِم كالرَّجلِ الواحدِ؛ لأنَّهُمُ الأمّةُ الواحدةُ.

هذهِ الأمّةُ المسلمةُ أمَّةٌ واحدةٌ، تَضِربُ جذورَها في أعماقِ التّاريخِ الإنسانيِّ منذُ آدمَ عليهِ السَّلامُ، ومَن جاءَ بعدَهُ من أهلِ الإيمانِ، إلى أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها.

ألمْ تسمعوا ما قالَ اللهُ تعالى في سورةِ الأنبياءِ؟

لقد ذكرَ اللهُ فيها خمسةَ عشرَ نبيًّا من نوحٍ إلى عيسى عليهمُ السلامُ، ثم قال بعدَها: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً ‌وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[الأنبياء: ٩٢].

مِلّةٌ واحدةٌ، ودينٌ واحدٌ، اجتمعَ عليهِ الأنبياءُ وأتباعُهُم إلى خاتَمِهِم محمّدٍ ﷺ ومَن آمنَ بهِ وبما جاءَ بهِ، جميعُهُم أمةٌ واحدةٌ، وجسدٌ واحدٌ.

عبادَ اللهِ:

إنَّ أمَّتَنا الإسلاميّةَ مَكَرَ بها أعداؤُها، واجتمعَ عليها مَن بأقطارِ الأرضِ، ونبحَ عليها المسعورونَ يستبيحونَ أرضَها وسماءَها، يُبيدونَ الأخضرَ واليابسَ، يقتُلونَ مَن شاؤوا، ويَقصفونَ مَن شاؤوا، ويسرِقونَ خَيْراتِ مَن شاؤوا، لا وزنَ عندَهم لأحدٍ، ولا قيمةَ عندَهم لميثاقٍ.

إنَّ الكلابَ المسعورةَ لا يوقفُها إلَّا وَثْبةُ ليثٍ هَصورٍ يُخْرسُ نباحَها، ويَقطعُ أنفاسَها.

ولا يمكنُ أنْ يُصبِحَ المسلمونَ ليثًا هصورًا وهُم جسدٌ مجدَّعُ الأطرافِ، لا يمكنُهم ذلكَ إلَّا إذا اجتمعوا أمةً واحدةً وجسدًا واحدًا.

مليارَا مسلمٍ، وستّونَ دولةً غالبيّتُها مسلمونَ، مواردُ وطاقاتٌ غيرُ محدودةٍ، إلَّا أنَّهُم في أعينِ أعدائِهم كريشةٍ في مهبِّ الريحِ.

إنَّ وَحدةَ المسلمينَ وكونَهم أمّةً واحدةً ليسَ ترفًا أو أمرًا اختياريًّا، بل هوَ واجبٌ ربّانيٌّ، وواقعٌ شرعيٌّ يجبُ أنْ يكونَ.

لقد أمرَنا اللهُ بالاعتصامِ والاجتماعِ فقال: ‌وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا[آل عمران: ١٠٣].

أمرٌ للأمّةِ جميعًا، أنْ يعتصِموا بحبلِ اللهِ، وهوَ دينُهُ وكتابُهُ، كأنَّهُم أمّةٌ سقطت في هاويةِ الضَّعفِ والذُّلِّ فإذا بحبلٍ يرفعُهُم جميعًا من سفولِ المهانةِ إلى عزِّ الكرامةِ، هوَ حبلُ اجتماعِهِم على دينِ اللهِ الحقِّ.

ماذا كانَ العربُ قبلَ الإسلامِ إلَّا قبائلَ متناحرةً، يقتُلُ القويُّ منها الضَّعيفَ، تقومُ بينهمُ الحروبُ على ناقةٍ أربعينَ سنةً، وتظلُّ الحربُ بينَ الأوسِ والخزرجِ مائةً وعشرينَ سنةً، في عصبيّةٍ جاهليّةٍ مقيتةٍ.

جاءَ الإسلامُ فجمعَهُم جميعًا تحتَ رايتِهِ إخوةً متآلفينَ، آخى بينهمُ النَّبيُّ ﷺ، آخى بينَ المهاجرينَ والأنصارِ، وبينَ الأوسِ والخزرجِ، فكانَ عمرُ القرشيُّ يجلسُ بجوارِ بلالٍ الحبشيِّ وصهيبٍ الروميِّ وسلمانَ الفارسيِّ، جميعُهُم أبناءُ دينٍ واحدٍ، لَبِنةٌ في أمّةٍ واحدةٍ، لا فَرقَ بينَ عربيٍّ وعَجميٍّ وأبيضَ وأسودَ، عُنوانُ مودّتِهِم قولُ اللهِ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: ١٠].

وصفَهُمُ النَّبيُّ ﷺ بالرَّجلِ الواحدِ والجسدِ الواحدِ، فقال: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى». صحيح البخاري (٦٠١١)، وصحيح مسلم (٢٥٨٦)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. (٢).

ولكنْ كيفَ تكونُ الأمّةُ واحدةً، وقد اختلفتْ أجناسُهُم وقبائلُهُم وشعوبُهُم وعاداتُهُم ولهَجاتُهُم؟

إنَّ الأمّةَ الواحدةَ إنَّما يجمعُها أوّلُ ما يجمعُها العقيدةُ الصَّحيحةُ، والأمّةُ المسلمةُ عقيدتُها هيَ الحقُّ، فإنَّها تعبُدُ إلهًا واحدًا، هوَ اللهُ الحقُّ لا إلهَ إلّا هوَ، لهُ الكمالُ كلُّهُ، الأحدُ لم يلدْ ولم يولدْ، ليسَ كمثلِهِ شيءٌ، وهوَ السَّميعُ البصيرُ، وتؤمِنُ بجميعِ الأنبياءِ وخاتَمِهِم محمّدٍ رسولِ اللهِ ﷺ.

قال النَّبيُّ ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى. أَبَلَّغْتُ؟!». مسند أحمد (٢٣٤٨٩)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٧٠٠) (٣).

تجمعُهُمُ الشَّريعةُ الرَّبّانيّةُ، مصدرُها الوحيُ المعصومُ، القرآنُ والسُّنّةُ النَّبويّةُ المطهَّرةُ.

يقول النَّبيُّ ﷺ: «كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، هُوَ حَبْلُ اللهِ، مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ». صحيح مسلم (٢٤٠٨)، من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه. (٤).

هذا الذي جمعَ الأمّةَ بعدَ فُرقةٍ وضَيعةٍ، لذا وقفَ النَّبيُّ ﷺ يُذَكِّرُ الأنصارَ بذلكَ قائلًا: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي» صحيح البخاري (٤٣٣٠)، وصحيح مسلم (١٠٦١)، من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه. (٥).

إنَّ مِن أعظمِ أسبابِ الفُرقةِ والاختلافِ نبذَ هذا الدِّينِ العظيمِ، والاختلافَ فيهِ بالبدعِ والمُحدَثاتِ واتِّباعِ الهوى.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطًّا ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. مسند أحمد (٤١٤٢)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني في تخريجه على شرح الطحاوية (ص٥٨٧). (٦).

تلكَ الشَّريعةُ التي فيها كلُّ ما يدعو إلى الوَحدةِ والاجتماعِ، وينهى عنِ الفُرقةِ والاختلافِ.

المسلمونَ في جنَباتِ الأرضِ يُصلّونَ جميعًا إلى قبلةٍ واحدةٍ، يقِفونَ صفوفًا متراصّةً، بهيئةٍ واحدةٍ، خلفَ إمامٍ واحدٍ، حتى إنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ».صحيح البخاري (٧١٧)، وصحيح مسلم (٤٣٦)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. (٧)، ورغَّبَ وأمرَ الرِّجالَ بالصَّلاةِ في جماعةٍ، فقال: «صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». صحيح البخاري (٦٤٥)، وصحيح مسلم (٦٥٠)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. (٨).

وفي شهرِ رمضانَ يصومُ المسلمونَ جميعًا، ثمَّ يأتي العيدُ فيفرحونَ جميعًا، لذا قال النَّبيُّ ﷺ: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ»جامع الترمذي (٦٩٧)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٢٤). (٩).

ثمَّ يأتي الحجُّ، حيثُ يأتي المسلمونَ من كلِّ فَجٍّ عميقٍ، يقصِدونَ البيتَ الحرامَ، ثمَّ يؤدّونَ المناسِكَ في وقتٍ واحدٍ، على هيئةٍ واحدةٍ، يُرغِمونَ الشيطانَ وأولياءَهُ.

لقد تواترتِ الأحاديثُ عن رسولِ اللهِ ﷺ تدعو إلى لزومِ الجماعةِ، التي فيها الرَّحمةُ والبرَكةُ والنَّصرُ والقوّةُ.

قال النَّبيُّ ﷺ: «الْجَمَاعَةَ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةَ عَذَابٌ» السنة لابن أبي عاصم (٩٣)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٦٦٧). (١٠).

وقال النَّبيُّ ﷺ: «يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»جامع الترمذي (٢١٦٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/٤٥٨). (١١).

بل جعلَ النَّبيُّ ﷺ الاجتماعَ على الطَّعامِ سببًا للبركةِ والخيرِ، فقد سألهُ الصَّحابةُ يومًا قائلينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: «فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» سنن أبي داود (٣٧٦٤)، من حديث وحشي رضي الله عنه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٦٦٤). (١٢).

إخوةَ الإسلام:

ما الذي يحولُ بينَ المسلمينَ وبينَ أن تكونَ كلمتُهم واحدةً، أن يدفعَ بعضُهم عن بعضٍ، ويواسيَ بعضُهم بعضًا؟

إنَّ أممًا يُكفِّرُ بعضُهم بعضًا كانت بينهم الحروبُ الضَّروسُ حتى استباحوا أعراضَهم ودماءَهم، تناسَوا خلافاتِهم وعقدوا اتِّحادًا تجاريًّا وعسكريًّا وسياسيًّا، أليسَ المسلمونَ أحقَّ بذلك؟

ألم يقُلِ النَّبيُّ ﷺ: «الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ»؟ سنن أبي داود (٤٥٣٠)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وصححه الألباني في إرواء الغليل (١٠٥٨) (١٣).

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعدُ:

لقد نهى اللهُ عن الافتراقِ والاختلافِ والتَّنازُعِ، فإنَّه ما قَدَر عدوُّنا علينا إلا حينَ مزَّقَنا بحدودٍ مصطنعةٍ، وقوميّاتٍ جاهليةٍ، وفتنٍ طائفيةٍ، وفِرَقٍ حِزبيّةٍ، طِبقًا لقاعدةِ المجرمينَ «فَرِّقْ تَسُدْ»، تمامًا كما فعل فرعونُ حيثُ جعلَ أهلَ مصرَ شِيَعًا، ليسهُلَ عليه سَوقُ القطيعِ.

ألم يقل الله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا ‌تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: ٤٦].

إنَّ الذئابَ الضَّارية إنّـما تنقَضُّ على الشَّاةِ القاصية، يقولُ النبيُّ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» سنن النسائي (٨٤٧)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٥٥٦). (١٤).

ويقول ﷺ: «لاَ تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا».صحيح البخاري (٢٤١٠)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (١٥)

نعم.

تأبى الرِّماح إذا اجتمعن تكسُّرًا

وإذا افترقْنَ تكسّرت آحادًا
 

إنَّ الكُفَّارَ وأولياءَهم المنافقينَ يُثيرونَ في الأمَّةِ العداواتِ والبغضاءَ، ويؤجِّجونَ نيرانَ العصبيَّةِ الجاهليَّةِ ليُفرِّقوا المسلمينَ، كما فعلَ المنافقونَ الأُوَلُ لما بَنَوا مسجدَ الضِّرارِ، ففضحَ اللهُ فِعلَهم، وأنزلَ فيهم: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا ‌وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة: ١٠٧].

ألا ما أحوجنا اليومَ أن نعتصم جميعًا -أفرادًا ودُوَلًا- باللهِ وكتابِه، وأن نتحاكم جميعًا إلى شريعتِه، نَصبُغُ بها حياتَنا، يشدُّ بعضُنا بعضًا، فتكونَ همومُنا وأفراحُنا وأحزانُنا واحدةً، جسدٌ واحدٌ، وأمَّةٌ واحدةٌ، فاللهُ مولانا ونِعمَ النَّصيرُ.

اللهمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ الكفَرةَ المجرمين، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

شارك المحتوى: